“مجلس حماة الطبيعة” يوحد الرؤى الحكومية لدمج الطبيعة في قلب مسيرة التنمية الوطنية

دبي في الأول من أكتوبر/ وام / عقدت وزارة التغير المناخي والبيئة النسخة الثانية من “مجالس حماة الطبيعة – مجلس القطاع الحكومي”، الذي جمع نخبة من المسؤولين وصناع القرار في القطاع الحكومي في المجال البيئي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى ترسيخ ريادة دولة الإمارات للأجندة البيئية العالمية وحلول الطبيعة التنموية.

ويأتي المجلس في إطار الاستعدادات لاستضافة وقيادة الإمارات للمؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 في أبوظبي، وتعد النسخة الحالية استكمالاً للنجاح الذي حققه في النسخة الأولى التي عقدت مؤخراً في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي نجحت في طرح رؤية الإمارات الطموحة أمام قادة جهود الاستدامة في العالم.

ويهدف المجلس الذي أقيم في دبي أمس، إلى إحداث تحول نوعي في آلية العمل الحكومي، عبر الانتقال من حماية الطبيعة كملف منفصل، إلى دمجها بالكامل في قلب العملية التنموية الشاملة للدولة، لتصبح محركاً للنمو الاقتصادي، وركيزة أساسية لازدهار المجتمع، مع تفعيل دور الشباب والمجتمع كشريك أساسي في هذه المسيرة.

وشهد المجلس حضور كل من معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، وسعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي مستشار الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في منطقة غرب آسيا، وسعادة علي أحمد علي أبو غازيين، رئيس هيئة الشارقة للثروة السمكية، وسعادة أصيلة المعلا، مدير عام هيئة الفجيرة للبيئة، وسعادة أحمد اسماعيل السيد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي، كما ضم ممثلين عن عدد من الجهات والمؤسسات المعنية بالبيئة والحياة الفطرية في الدولة، حيث شارك فيه ممثلون عن كل من دائرة البلدية والتخطيط في عجمان، والمؤسسة العامة لحديقة الحيوان والأحياء المائية بالعين، وبلدية دبا الفجيرة.

وفي كلمتها، أكدت الضحاك، أن المجلس يؤسس لمرحلة جديدة من العمل الوطني المتكامل، وقالت، إن اجتماعنا اليوم في ‘مجلس حماة الطبيعة’ يتجاوز كونه تحضيراً لمؤتمر دولي، ليمثل نقطة تحول في فلسفتنا التنموية، نحن ننتقل من مفهوم كيف نحمي الطبيعة من التنمية، إلى كيف يمكن للطبيعة أن تكون القلب النابض والمحرك الرئيسي لمسيرة التنمية المستدامة في مختلف القطاعات الحيوية في الدولة، وكيف نجعل من المجتمع شريك في صياغة الأهداف وتنفيذها على أرض الواقع. هذا هو جوهر النموذج الإماراتي الذي نبنيه استناداً لإرثنا لنقدمه للعالم. رؤيتنا هي أن يكون رأس المال الطبيعي هو الأصل الأكثر قيمة في اقتصادنا، وأن تكون حلول الطبيعة هي المحرك الأول لابتكاراتنا في الأمن الغذائي والمائي وتعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر، ومختلف السبل التي تساهم في تعزيز جودة الحياة في مدننا المستدامة”.

وأضافت، “بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، حولنا حماية الطبيعة من مجرد التزام بيئي إلى محرك رئيسي لازدهار اقتصادنا وسبل معيشتنا، وهذه هي رؤيتنا التي نقدمها للعالم. نعمل في إطار حكومي شامل وشراكة مجتمعية حقيقية لتحقيق تلك الرؤية على أرض الواقع. لذلك، فإن حوارنا اليوم هو حوار استراتيجي يهدف التعاون الكامل بين القطاعات، وتوحيد جهودنا كفريق واحد يعمل لهدف مشترك. نحن لا نرسم سياسات للمجتمع، بل نصممها معه، لذلك فإن تفعيل دور شبابنا وأفراد المجتمع ومؤسساتنا المحلية ليس خياراً، بل هو الضمانة الوحيدة لتحويل طموحاتنا إلى إرث مستدام، وتقديم نموذج للعالم في كيفية بناء مستقبل تزدهر فيه الطبيعة والإنسان معاً”.

وتم تصميم الحوار داخل المجلس ليكون رحلة استراتيجية متكاملة، بدأت بتشخيص الواقع واستشراف المستقبل عبر تحديد التحولات الجذرية المطلوبة في السياسات وآليات العمل الحكومي، وتحديد العقبات الرئيسية التي يجب تجاوزها لتعزيز التكامل وتسريع وتيرة الإنجاز.

وناقش بحث الأدوات العملية، حيث ركزت الجولة الثانية على توظيف “الحلول القائمة على الطبيعة” كأداة استراتيجية لمواجهة التحديات المناخية وتعزيز المرونة البيئية، مع تحديد أولويات توسيع وإدارة شبكة المحميات بفعالية، وتوجت النقاشات بجولة ختامية تطلعت نحو المستقبل، وركزت على بلورة “الالتزام الوطني الطموح” الذي ستقدمه دولة الإمارات في “المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة”، وتحديد المبادرات والشراكات الملموسة التي يمكن تطويرها لترجمة هذا الالتزام إلى إرث مستدام على أرض الواقع.

واتفق المشاركون على أن المرحلة القادمة تتطلب بناء منظومة تشريعية مرنة ومبتكرة، تكون بمثابة بنية تحتية للسياسات التي تحفز “الاقتصاد الإيجابي للطبيعة”، وسيشمل ذلك تطوير تشريعات تدعم الاستثمار في رأس المال الطبيعي، وتسرّع من وتيرة تبني الحلول القائمة على الطبيعة، وتضمن حماية الأمن البيولوجي للدولة، مع التوسع المدروس في شبكة المحميات الطبيعية لتكون مختبرات حية للابتكار البيئي، وتمت الإشارة إلى ضرورة العمل على تعزيز المشاريع “الإيجابية للطبيعة”، وهذا يعني وضع آليات ومعايير واضحة تضمن أن تكون جميع المشاريع التنموية والبنى التحتية المستقبلية، من تخطيط المدن المستدامة إلى مشاريع الزراعة الحديثة، مصممة منذ اليوم الأول لتكون “رافعة لرأس المال الطبيعي، لا مستنزفة له”. وسيكون هذا المبدأ جزءاً لا يتجزأ من دورات التخطيط والتمويل لكافة المشاريع الوطنية.

وأكد المجلس أن نجاح الرؤية الوطنية يعتمد على تفعيل حوكمة تشاركية تمنح الجهات المحلية، كالبلديات وهيئات البيئة، دوراً محورياً في التنفيذ والمتابعة الدقيقة، لضمان ترجمة السياسات إلى واقع ملموس، كما تم التأكيد على أن إشراك المجتمع والشباب والجهات المعنية في القطاع العام الخاص لن يكون مجرد عملية استشارية، بل سيتم بناء آليات تضمن أن يكونوا شركاء فاعلين في تصميم ومراقبة وتنفيذ المبادرات، لضمان أن تكون الحلول نابعة من الواقع ومستدامة على المدى الطويل.

كما أكد على أن توظيف الابتكار يمثل ركيزة أساسية لتحقيق الرؤية الوطنية، مع وضع الذكاء الاصطناعي في قلب هذه الجهود، لن تكون التكنولوجيا مجرد أداة مساعدة، بل ستكون العقل التحليلي والاستراتيجي لفهم وحماية الأنظمة البيئية الفريدة للدولة، وتم التوافق على ضرورة الاستثمار المكثف في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤية، وتغذيتها من خلال قواعد البيانات الوطنية المتكاملة ورقمنة عمليات الرصد البيئي، لتوفير رؤى استباقية حول صحة النظم البيئية، وسيمتد تطبيق هذه التقنيات الحديثة إلى تحسين كفاءة إدارة الموارد الطبيعية بشكل جذري، مما يرسخ مكانة الإمارات كمنصة عالمية للمعرفة والحلول المبتكرة، وكمصدر رئيسي لنماذج رائدة في توظيف الابتكار والذكاء الاصطناعي للحفاظ على الطبيعة وتنميتها. واختتم المجلس أعماله بتوافق بين جميع المشاركين على الأهمية الاستراتيجية لإبراز جهود وإنجازات دولة الإمارات كنموذج تنموي فريد قائم على الطبيعة.

وأكد الحضور على أن المرحلة القادمة ستشهد تكاملاً في الجهود لتوثيق هذه النجاحات وتقديمها للعالم ليس فقط كقصص نجاح، بل كحلول عملية وقابلة للتطبيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وتهدف هذه الرؤية الموحدة إلى تمكين الدولة من قيادة حوار عالمي بنّاء ومؤثر خلال المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة، لتعزيز مكانتها كشريك رئيسي في صياغة مستقبل مستدام تكون فيه الطبيعة محركاً للازدهار والرخاء.