ندوة دولية تتناول أهمية التعليم في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات واهتمام قطر بهذه المجالات

الدوحة في 24 أبريل /قنا/ بدأت اليوم فعاليات الندوة الدولية حول أهمية التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتدريب التقني والمهني، ودورها نحو مجتمع مستدام وقادر على الصمود، وفي تعزيز مهارات القوى العاملة لتأهيل كوادر المستقبل.

وتنظم الندوة جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا على مدى يومين.

ويأتي عقد الندوة تلبية لقرارات لجنة وزراء التعليم العالي والبحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بإقامة منتدى لدراسة التخصصات النوعية التي يتطلبها سوق العمل الحالي والمستقبلي.

وقال الدكتور سالم بن ناصر النعيمي رئيس جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، إن عدد فرص العمل المتاحة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات كبير جدا على الصعيدين المحلي و العالمي، لكنه نوه إلى أن هذه الحاجة تواجه نقصا كبيرا في عدد الخريجين والمحترفين الذين يمتلكون المؤهلات اللازمة والمهارات المناسبة لشغل هذه الأدوار.

وأضاف قائلا في الكلمة التي افتتح بها الندوة ” تكمن مسؤوليتنا كمؤسسات تعليمية في أن نعمل على بناء جسور بين احتياجات الصناعة المستقبلية والمخرجات التعليمية”، مبينا أن استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لدولة قطر تهدف إلى رفع نسبة العاملين المهرة إلى 46 بالمئة، وزيادة نسبة الخريجين من تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتصل إلى 18 بالمئة بحلول عام 2030.

وأوضح أن التعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي يكمن في تعزيز الوصول إلى التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الجامعة، وتسليط الضوء على التعليم والتدريب التقني والمهني.

وفي تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أكد الدكتور النعيمي أهمية الندوة وعلاقتها بقطاعات العمل المختلفة والتعليم الأكاديمي والمهني والتقني ودورها في سد النقص في المهارات التقنية والفنية حتى على المستوى الشخصي، ما ينعكس بدوره على البرامج الأكاديمية والأبحاث والتدريبات الميدانية للطلبة وتجهيزهم للمواءمة مع متطلبات سوق العمل عند التخرج.

من ناحيته، قال سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي وكيل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي إن عقد الندوة يتزامن مع ما يشهده قطاع العمل محليا وعالميا من تطور متسارع في ظل الثورة الصناعية الرابعة والانفجار الرقمي والمعلوماتي، وما يؤثر فيه من تحديات عالمية تتمثل بالتغير المناخي والأمن الغذائي والتصحر وغيرها من التحديات.

وقال إن الدراسات تشير إلى توقع زيادة أعداد الوظائف في منهج” STEM” بما يتجاوز 8 بالمئة مقارنة بغيرها من التخصصات، وكذا زيادة عمليات التوظيف في تطوير المواقع والبرامج التكنولوجية بما يتجاوز 20 بالمئة بحلول عام 2029، بالإضافة إلى استحداث وظائف جديدة في هندسة البيانات الضخمة والبرمجيات المختلفة.

ونوه إلى أنه وفقا لشركة Dell يعتقد المحترفون أن 85 بالمئة من وظائف العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات غير موجودة حتى الآن، وأنها ستكون مطلوبة عام 2030.

ولفت سعادته إلى أن ذلك ينعكس بلا شك بصورة مباشرة على قطاع التعليم، ويعظم دور المؤسسات التعليمية باعتبارها الرافد الأساسي لإعداد وتأهيل الكوادر البشرية المؤهلة للانخراط في قطاع العمل وفق متطلباته المستحدثة.

وأشار إلى أنه يبرز في هذا الإطار تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM والتعليم والتدريب التقني والمهني TVET في دولة قطر، كقوة مؤثرة في تشكيل المهارات المهنية المطلوبة التي تتلاءم مع تلك المتغيرات وتحقق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، حيث يتصدر هذان النوعان من التعليم لائحة الأولويات التربوية في دولة قطر، وما يتبع ذلك من الأنظمة وأطر الحوكمة والبرامج التعليمية والمناهج الدراسية.

وقال سعادته في سياق ذي صلة إن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي تعمل على دعم التعليم والتدريب المبنيين على نظام STEM و TVET ، من خلال زيادة المدارس التقنية والمهنية، إضافة إلى تطوير المسارات التعليمية ودمج مواد الـ STEM بالمناهج الأساسية الرسمية والربط بينها والتشجيع على التعليم والتدريب التقني والمهني، ما يؤهل الطلبة لاكتساب خبرات علمية وعملية مهمة تساعدهم على الالتحاق بأفضل الجامعات وتعطي فرصة للحاصلين على شهادات تقنية من استكمال رحلتهم التعليمية واستخدام المهارات المهنية المتطورة التي اكتسبوها في تلبية احتياجات سوق العمل.

وبين سعادة وكيل الوزارة أن افتتاح مدرسة قطر الثانوية للعلوم والتكنولوجيا العام الدراسي 2018 – 2019 كان من أهم وأوائل المشاريع الاستراتيجية التحولية التي طبقتها الوزارة، باعتبارها مدرسة تقدم تعليما رياديا قائما على التطبيق الشامل لمنهجية STEM ، من خلال منهج تكاملي تم تصميمه خصيصا لإعداد الطلبة لتلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين، موضحا أن عدد الطلبة في المدرسة يبلغ الآن 240 طالبا قطريا، في حين تم تخريج دفعتين بواقع 118 طالبا لكل منهما فيما يتم وضع مخططات عاجلة لافتتاح مدرسة موازية للطالبات.

وقال إن جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا تأتي كأنموذج في التعليم العالي لاستكمال مسارات الطلبة المهنية والتقنية المختلفة، إلى جانب غيرها من الجامعات الريادية في الدولة وعلى رأسها جامعة قطر ببرامجها المختلفة في هذا المجال، والجامعات التابعة لمؤسسة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وأكاديمية قطر لعلوم الطيران وكلية أحمد بن محمد العسكرية وغيرها الكثير من الجامعات والمعاهد في التعليم العالي.

وأعرب سعادته عن تطلعه من خلال هذا المؤتمر إلى توحيد الجهود على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، بهدف رفع كفاءة منظومة التعليم التقني والمهني بما يتوافق مع التغير النوعي في احتياجات سوق العمل، والتي تستدعي كفاءات جديدة عالية التقنية.

 

 

 

وألقت سعادة الشيخة نجوى بنت عبدالرحمن آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون العمالة الوافدة بوزارة العمل، كلمة في الجلسة الافتتاحية قالت فيها، إن موضوع الندوة يأتي في صميم الأهداف والرؤى التي تعمل دولة قطر على تحقيقها من خلال برنامج الإصلاح الشامل الذي انتهجته الدولة، والذي تمثل رؤية قطر الوطنية 2030 الإطار المرجعي له، حيث انطوت الرؤية على محاور هامة تمس القضايا الرئيسية في مجالات التعليم والصحة والبيئة وحقوق العمالة الوافدة وتأهيل القوى العاملة الوطنية والتي تهدف إلى تحويل قطر إلى دولة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل، من خلال أربع ركائز أساسية تشمل التنمية البشرية، والاجتماعية والاقتصادية، والبيئية.

ونوهت إلى أن من أهم وأبرز التطورات في هذا الإطار إطلاق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024 – 2030 ، التي تعد المرحلة الأخيرة نحو تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.

وأوضحت الشيخة نجوى بنت عبدالرحمن آل ثاني أن الدولة حددت عددا من الأولويات فيما يتعلق بالقوى العاملة في البلاد، بما يتماشى مع الرؤية الوطنية، وقالت إن هذه الأولويات تشمل حماية حقوق جميع العاملين، وخلق المزيد من فرص العمل للقطريين في القطاع الخاص، وضمان قدرة القوى العاملة الأكثر مهارة على تلبية احتياجات اقتصاد أكثر تنافسية وتنوعا ويكون قائما على المعرفة.

وأكدت على أن هذه الأهداف تعد مترابطة إلى حد كبير وتتطلب التخطيط الاستراتيجي والاستثمار في القوانين والسياسات والمؤسسات والبرامج التي تحكم سوق العمل، وتعكس اهتمام الدولة المستمر والمتنامي بالتكنولوجيا والتنمية المستدامة، بهدف تطوير كوادر ذات مؤهلات عالية لتحقيق الرخاء المجتمعي والصمود على المستوى العالمي.

وأكدت الوكيل المساعد لشؤون العمالة الوافدة في وزارة العمل أن دولة قطر قامت خلال السنوات القليلة الماضية بتطبيق إصلاحات واسعة النطاق لقوانين العمل، من أجل إضفاء المزيد من التعزيز والحماية لحقوق العمال الوافدين، وأن الدولة تثمن إسهامات العمالة الوافدة وتعتبرهم شركاء أصليين في المشروع التنموي والنهضوي الذي تنتهجه.

ونوهت – في هذا السياق – إلى أن حماية وتعزيز حقوق العمالة الوافدة يعد خيارا استراتيجيا للدولة، حيث تأتي التنمية البشرية وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها في صدارة أولويات دولة قطر، مبينة أن الإنجازات التي تحققت جاءت نتيجة لتوافر الإرادة السياسية والمناخ الداعم للإصلاح الشامل لسوق العمل على مستوياته التشريعية والمؤسسية، وللدعم الفني والتقني المقدم من منظمة العمل الدولية ومن شركائنا الآخرين من مؤسسات دولية ومنظمات غير حكومية.

وأكدت في ختام كلمتها اهتمام دولة قطر المتعاظم بقطاع العلوم والتكنولوجيا وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، منوهة إلى الاستمرار في تنفيذ البرامج الاصلاحية والعمل كعضو نشط في المجتمع الدولي والإقليمي لتعزيز تلك الإنجازات وتحسين الأداء من خلال المبادرات والشراكات مع أصحاب المصلحة.

من جهتها بينت السيدة أبرار إبراهيم السليم مدير إدارة التعليم بالتكليف بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن أجندة أعمال هذه الندوة التي تتصدرها مسارات التعليم لتأهيل كوادر المستقبل، تشكل دعما لانطلاقة جادة لطرح برامج أكاديمية في تخصصات نوعية يتطلبها سوق العمل الحالي والمستقبلي.

وأعربت عن أملها في أن تحظى كافة المواضيع باهتمام ودعم المشاركين لتعزيز وتفعيل المسيرة الرشيدة الساعية لتحقيق الأهداف المنشودة، وبما يحقق الرخاء والازدهار والريادة لدول مجلس التعاون وأبنائها.

 

 

كما تحدث في الندوة الدولية أيضا سعادة السيد صلاح الدين زكي خالد ممثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/ لدى دول الخليج العربية ومدير مكتب اليونسكو بالدوحة، مؤكدا أهميتها في تعزيز تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتدريب التقني والمهني في قطر وخارجها ما يتماشى مع استراتيجية اليونسكو للتعليم والتدريب المهني والتقني 2022- 2029 ، التي تشمل تعزيز تشغيل الشباب وريادة الأعمال وتعزيز العدالة والمساواة بين الجنسين وتسهيل التحول إلى الاقتصاديات الخضراء والمجتمعات المستدامة.

وفي تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، قال السيد خالد، إن تنظيم الندوة جاء في الوقت المناسب لأهمية المحاور التي تتناولها، معربا عن فخره للتعاون والشراكة الوثيقة بين دولة قطر ومنظمة اليونسكو.

كما ثمن تعاون المنظمة مع جامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا متمنيا خروج الندوة بتوصيات تسهم في تنمية مهارات الأجيال الجديدة لمواكبة احتياجات سوق العمل، مشيرا إلى أن دولة قطر ومؤسساتها التعليمية رائدة في كافة المجالات التي تناقشها الندوة وهو ما يتواكب مع استراتيجية اليونسكو العالمية بهذا الخصوص.

بدوره، قال السيد ماكس تونون مدير مشروع مكتب منظمة العمل الدولية في قطر، إن المهارات والتعلم مدى الحياة أمران أساسيان في جدول أعمال منظمة العمل الدولية، منوها إلى أن تنمية المهارات أمر حيوي للأفراد حتى يتمكنوا من الحصول على عمل لائق ذي إنتاجية، كما أنها ضرورية لازدهار المؤسسات والاقتصادات.

ونبه في كلمته خلال الندوة إلى أنه في 2025، سيشغل 63 في المئة من الوظائف ذات المهارات العالية العمال الذين يفتقرون إلى المؤهلات الكافية، وفقا للتقديرات العالمية لمنظمة العمل الدولية، مشيرا إلى أنه مع خلق وتراجع الصناعات وفرص العمل، وتطور الوظائف، ستؤدي هذه الديناميكيات المتغيرة إلى تفاقم الفجوة في المهارات وعدم التطابق ونقص المهارات ما يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة.

وأكد أن دولة قطر وضعت خارطة طريق واضحة في شكل استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، التي تركز على تنويع الاقتصاد وتعزيز القطاعات ذات الأولوية، ولهذا السبب هناك حاجة إلى تزويد القطاع الخاص بـ “قوة عاملة جاهزة للمستقبل”.

وتتناول الندوة خلال يومي انعقادها مواضيع مهمة منها ربط التعليم بالاحتياجات الصناعية، مع التركيز على التكنولوجيا وجاهزية القوى العاملة لمواجهة النقص في المهارات، بجانب نقاشات حول الشراكات بين الصناعة والقطاع التربوي، في حين يتم اليوم نقاش برامج أكاديمية لاقتصاد أخضر، والمعرفة الرقمية، علاوة على عقد حلقة نقاشية بعنوان “تحالف الصناعة والوسائط الأكاديمية للتعليم .. محفز لإعداد كوادر مؤهلة للمستقبل”.

وسيتضمن اليوم الثاني والأخير عروضا مهمة حول أطر الحوكمة والطرق المبتكرة في تدريس التعليم والتدريب التقني والمهني، إضافة إلى جلسات نقاشية تتناول الذكاء الاصطناعي في التعليم ومبادرات المهارات من أجل التغيير المستقبلي، بجانب إصدار توصيات بشأن المبادرات الأكاديمية والسياسات التعليمية، ووضع إطار يربط بين الحكومة والأوساط الأكاديمية ومجالات الصناعة لإعداد كوادر مستدامة وقادرة على الصمود ومؤهلة للعمل في الحاضر والمستقبل، وذلك من خلال” بيان الدوحة بشأن التعليم لتلبية احتياجات الوظائف المستقبلية: خارطة طريق لمجتمع مستدام وقادر على الصمود.”