وول ستريت جورنال: رؤى متضاربة لخبراء حول اتجاهات الاقتصاد الأمريكي في الفترة المقبلة

واشنطن في 08 يناير /قنا/ تضاربت رؤى مجموعة من الخبراء الاقتصاديين في الولايات المتحدة حول اتجاهات الاقتصاد الأمريكي في الفترة المقبلة، وفق ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”، حيث أشارت مجموعة من الخبراء إلى تعافي الاقتصاد في الولايات المتحدة، في حين حذرت أخرى من إمكانية عودة التضخم وخسارة ما تم إحرازه من نجاحات في مكافحة التضخم.

جاء ذلك في اللقاء السنوي لمؤتمر للجمعية الاقتصادية الأمريكية في سان أنطونيو بولاية تكساس في الفترة ما بين 5 إلى 7 يناير الجاري، والتي ذكرت الصحيفة أنها أكبر جمعية مكونة من المتخصصين في الاقتصاد في الولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن جانيس إيبرلي، الخبيرة الاقتصادية في جامعة نورث وسترن القول إن الاقتصاد الأمريكي كان في أوائل عام 2023 في وضع مختلف تماما عما هو عليه الآن، وإنه منذ ذلك الحين، تعافت الكثير من العلل التي خلفها وباء كورونا /كوفيد-19/.

وأوضحت إيبرلي أن الهجرة والمشاركة في القوى العاملة، وخاصة بين العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاما قد انتعشت، مما سمح لأصحاب العمل بمواصلة التوظيف وما ترتب عليه من تقليل الأجور، وهو ما يساهم في تقليل تكلفة الإنتاج.. مضيفة أن سلاسل التوريد المتعثرة عادت إلى طبيعتها في الغالب، وكان الاختلال في سلاسل التوريد أحد أسباب ارتفاع التضخم.

من جانبه، ذكر جيمس هاينز، الخبير الاقتصادي في جامعة ميشيغان أن التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة كان أقوى منه في الدول المتقدمة الأخرى، وهو ما أرجعه إلى تقديم الولايات المتحدة الجزء الأكبر من دعمها الطارئ لمواجهة جائحة /كوفيد-19/ للأفراد وليس الشركات. وقال إن ذلك أبقى المستهلكين مستقرين نسبيا مع ترك المجال لظهور شركات جديدة وفشل الشركات القديمة.

وكان صناع السياسة قد أشاروا الشهر الماضي إلى أنهم رأوا تقدما كافيا بشأن التضخم من المرجح أن يتم من خلال رفع أسعار الفائدة والتحول إلى خفض أسعار الفائدة هذا العام. واستجابت الأسواق المالية من خلال المراهنة بشكل كبير على تخفيضات حادة في أسعار الفائدة هذا العام.

وأظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الذي صدر الأربعاء الماضي، أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي ناقشوا خلال اجتماعهم في ديسمبر الماضي موضوع خفض أسعار الفائدة.

وأظهرت أحدث التوقعات الاقتصادية للمسؤولين الصادرة في ديسمبر الماضي أنهم يتوقعون خفض أسعار الفائدة هذا العام للمرة الأولى منذ بدء حملة زيادة تاريخية لكبح التضخم في مارس 2022.

من جهة أخرى، ذكرت “وول ستريت جورنال” أن بعض المشاركين كانوا مترددين لإعلان أن مسألة تحقيق الاقتصاد الأمريكي للهبوط الناعم (انخفاض التضخم دون حدوث ركود في الاقتصاد) هي مسألة منتهية، حيث أشاروا إلى أنه وفقا لأوسع المقاييس، فإن التضخم لا يزال غير قادر على العودة إلى هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 بالمئة، وهذا يترك الباب مفتوحا أمام إمكانية رفع أسعار الفائدة أكثر، أو عدم خفضها بالقدر المأمول. وقالت لوري لوجان، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، إنهم حققوا الكثير من التقدم نحو مسار أكثر استدامة للاقتصاد،

إلا أن التضخم يمكن أن يرتفع مرة أخرى وأن يتراجع التقدم الذي تم إحرازه. وأشارت لوجان إلى أن الظروف المالية قد تيسرت منذ أكتوبر الماضي، في شكل انخفاض عوائد السندات وارتفاع أسعار الأسهم، استجابة للبيانات الاقتصادية الضعيفة والتعليقات من بنك الاحتياطي الفيدرالي، لافته أن هذه التطورات يمكن أن تعزز الطلب وضغوط التضخم. وشددت المصرفية الأمريكية على أنه إذا لم يتم الحفاظ على ظروف مالية متشددة بما فيه الكفاية، فهناك خطر من أن ينتعش التضخم مرة أخرى ويعكس التقدم المحرز. وأضافت أنه في ضوء تخفيف الظروف المالية في الأشهر الأخيرة، لا ينبغي استبعاد إمكانية رفع سعر الفائدة مرة أخرى من على الطاولة الآن. وقالت: لقد لعبت الظروف المالية التقييدية دورا مهما في جعل الطلب يتماشى مع العرض والحفاظ على توقعات التضخم ثابتة، مشيرة إلى أن التضخم قد انخفض بالقرب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة.. مشيرة إلى أن سوق العمل لا يزال ضيقا (عدد الوظائف أكثر من المتقدمين لها). ووفقا لبيانات وزارة العمل الأمريكية الجمعة الماضية، فقد ارتفع معدل نمو سوق العمل في الولايات المتحدة بصورة غير متوقعة في ديسمبر 2023، حيث شهد أكبر اقتصاد

في العالم 216 ألف وظيفة إضافية خلال الشهر الأخير من العام 2023، رغم توقعات بتسجيل تباطؤ في نوفمبر. واستقر معدل البطالة عند 3.7 بالمئة، ليحافظ على مستوى تاريخي منخفض ويخالف التوقعات بتسجيل ارتفاع طفيف. وسيستقبل المستثمرون بيانات جديدة يوم الخميس المقبل. ومن المتوقع أن يصل معدل التضخم الاستهلاكي لهذا العام إلى 3.2 بالمئة، وفقا للخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت وكالة “بلومبرغ” آراءهم. وسيراقب المستثمرون أيضا القطاع المالي يوم الجمعة المقبل. ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بقوة في عام 2022 والجزء الأول من عام 2023 لخفض التضخم الذي كان الأعلى مستوى منذ 40 عاما، ولكن منذ يوليو الماضي أبقى سعر الفائدة ثابتا في نطاق 5.25 بالمئة و5.5 بالمئة.