25 يوما على الحرب الأكثر بشاعة على غزة.. العقل الفلسطيني السيبراني في قلب المعركة

عمان 31 تشرين الأول (بترا) إيمان المومني- حرب عسكرية إسرائيلية شرسة بقنابل شديدة الفتك والتدمير والتقتيل تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وأخرى إعلامية لتزوير الحقائق وتشويه صورة الإنسان الفلسطيني، وثالثة نفسية غايتها بث الرعب في قلوب الآمنين من الأطفال والنساء والشيوخ، والرابعة حرب التجويع وقطع المياه ومنع الدواء وقصف المستشفيات، فشل العدو حتى الآن في فرض أجندته أو تحقيق أهدافه وغاياته من هذه الحرب بسبب المقاومة العنيدة والتشبث بالأرض.
فالاحتلال وظف كل ما يملك من أسلحة لإحداث إبادة جماعية للمدنيين في قطاع غزة والنيل من صمودهم وتهجيرهم بالقوة القاهرة، ومن ضمن هذه الأسلحة السلاح الخامس وهو الحرب الالكترونية، لكن الفلسطينيين كانوا لعدوهم بالمرصاد فبادروه هجوماً سيبرانياً بهجوم مماثل كما يؤكد خبراء ومتخصصون تحدثوا لوكالة الأنباء الاردنية (بترا) خلال رصدها لهذه الحرب المستمرة منذ 25 يوما.

فقد لجأت إسرائيل الى قطع الانترنت وحجبه عن قطاع غزة ما يشكل من وجهة نظر المنظمات الحقوقية عائقا كبيرا أمام الوصول الى المعلومات ويشكل خطرا على سلامة الافراد خلال الأزمات والحروب، بحسب المحامي الدكتور صخر الخصاونة ، مشيرا الى أن الحق في الحصول على المعلومة والحق باستخدام الانترنت هو من الحقوق الاساسية للإنسان بحسب المواثيق الدولية.
وقال الخصاونة، إن قطع الانترنت والاتصالات في زمن الحرب يعني من وجهة نظر الهيئات الدولية أن هناك جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية سترتكب بحق المدنيين العزل، إضافة الى حجب الفضاء الرقمي وعدم إتاحته للمقاومين الفلسطينيين.
وقال خبير أمن المعلومات الدكتور محمود الرجبي إن الحرب الرقمية هي قيام دولة باستهداف دولة أخرى، أو شعب من خلال حسابات وهمية، أو برمجيات من خلال البوتات (وهي برمجيات تعمل من خلال الإنترنت وتقوم بمهمات تحاكي ما يقوم به البشر)، بحيث تحاول التأثير على الرأي العام في هذه الدولة، أو في دولة أخرى لديها نفوذ وقوة تؤثر على الدولة الأولى سلبيا.
وأكد الرجبي أن الاحتلال الإسرائيلي سخّر المجال الالكتروني من أجل تثبيط عزيمة الفلسطينيين في بلادهم وخارجها
وكي يقلل من تأثيرات ما يرتكبه ضدهم وكي تبقى الرواية الاسرائيلية للحدث هي الوحيدة.

لكن كثيرا من الشباب العرب في المقابل يقومون ببناء محتوى مغاير يسهم في دعم القضية الفلسطينية، ويدافع عن الحقوق العربية في فلسطين، ويصنع توعية شاملة حول الوضع وتعريف الناس بأبعاد القضية الفلسطينية، وتاريخها، يقول الرجبي.

وقال المتخصص بأمن الشبكات في جامعة الأميرة سمية الدكتور محمد الكساسبة إن الحرب الإلكترونية في غزة وفلسطين لا تقتصر فقط على الهجمات السيبرانية والتحكم بالمحتوى الإعلامي، بل تتوسع لتشمل جهودا منظمة مثل إطلاق “جبهة التوعية” الإسرائيلية في الفضاء الافتراضي، وهذه الجبهة تسعى لمواجهة “الرواية الفلسطينية” عبر “جيش إسرائيل الإلكتروني” والذي يعمل على نشر وترويج الرواية الإسرائيلية عبر شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير على الرأي العام العالمي.

وأضاف: إن التصدي للحرب الإلكترونية على غزة وفلسطين يكون عبر التوعية العامة والتعليم وهذا يلعب دورا حاسما في تنبيه الجمهور إلى أهمية التحقق من المعلومات قبل تقبلها، ما يساعد في مكافحة انتشار الأخبار الزائفة والدعاية المضللة، داعيا الى استخدام منصات تواصل اجتماعي بديلة ومتنوعة تتيح توزيع المعلومات بشكل أكثر توازنا وعدالة، والتي لا تخضع لنفس مستوى التحكم والرقابة.

المدير التنفيذي لشركة “آي تي كابسايد” المتخصصة في الأمن السيبراني المهندس باسل العزام بين أنه مع تقدم الصراع السيبراني، يظهر مفهوم “الحرب الهجينة” وهو مزج بين العمليات الحركية وغير الحركية (أي الرقمية) في ساحة المعارك الحديثة، ومع اعتماد قطاعات البنية التحتية الحيوية على تقنية المعلومات، فإن تحولا نموذجيا يلوح في الأفق حيث إن الهجمات السيبرانية على هذه القطاعات الحيوية – مثل محطات الطاقة وشركات الاتصالات وأبراج المراقبة والرادارات العسكرية – لديها القدرة على تحقيق نتائج حركية ملموسة تعطل العمليات المحلية في الجانب المدني والعسكري، وقد تؤدي إلى فوضى وأضرار واسعة النطاق، وهذا النمط مماثل لما يحدث في الحرب التي تشنها اسرائيل على غزة.

واكد العزام أن التصدي لهذا النوع من الحروب الهجينة يحتاج إلى تطوير حقيقي للقدرات الدفاعية والهجومية في الجانب المادي والرقمي وتفعيل متواصل لدور الأمن السيبراني في الدوائر والمؤسسات في جميع القطاعات لضمان حماية المعلومات الحساسة في القطاعات الحيوية وغيرها وعمل محاكاة لحروب رقمية بهدف تأمين الجبهة الداخلية والتدريب على خطة الاستجابة للحوادث.
ولفت إلى أنه لا توجد وصفة سحرية لمواكبة مثل هذه الظروف أفضل من تحديد نقاط الضعف بشكل واقعي بعيدا عن العاطفة والعمل على تقويتها والتقدم إلى الأمام، مشيرا الى أن أقوى الجيوش لا يمكنها مواجهة “الحقيقة” إذا تم توظيفها ونشرها بالشكل والوقت الكافيين والصحيحين.

عضو جمعية حماية المعلومات والمختص بالحرب الإلكترونية المهندس ابراهيم صفا أشار إلى أن شركة “ريكورديد فيوتشر” المعنية بالرصد المعلوماتي السيبراني قالت إن الهجمات السيبرانية على المواقع والتطبيقات الإسرائيلية زادت وتيرتها منذ بداية عملية “طوفان الأقصى”، وكانت مجموعات من المخترقين الرافضين للسردية الإسرائيلية تمكنت من استهداف موقع “جيروزاليم بوست” الإسرائيلي المعروف وإيقافه عن العمل لفترات متفاوتة خلال الأيام الماضية.
وأضاف، رغم أن المعلومات الواردة عن الآثار المترتبة على العمليات السيبرانية قليلة فإن مجموعة “أنون غوست” أعلنت عبر قناتها على تليغرام أنها استطاعت تعطيل تطبيق تنبيه الطوارئ الإسرائيلي.
وأضاف، إن مجموعة إلكترونية تسمي نفسها “وحدة النمر الإلكترونية” لم تفصح عن جنسيتها كانت استهدفت بالتزامن مع انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) عن طريق هجوم يدعى “رفض خدمة الموزع” (دي دي أو إس)، وهو هجوم يوقف المواقع الإلكترونية التي تهاجمها المجموعة، ويوقف الوصول إلى الموقع الإلكتروني، وتمنعه من تقديم أي خدمة لجمهوره، ومن المواقع التي هاجمها الموقع الإلكتروني الرسمي لجهاز المخابرات الإسرائيلية.
وفي المقابل، استهدفت مجموعة من القراصنة المؤيدين لإسرائيل تعرف باسم “إنديان سايبر فورس” في 8 تشرين الأول الموقع الرسمي الإلكتروني لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما هاجمت هذه المجموعة موقع شركة “ألفا نت”، وهي أكبر شركة في قطاع غزة لتقديم الخدمات الإلكترونية.
–(بترا)

ا م/ب ص/ اح

31/10/2023 14:15:27