الرياضة الدامجة تعزز المساواة للأشخاص ذوي الإعاقة.. إضافة اولى

الرياضة جسر للدمج المجتمعي

الناطق الإعلامي للمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي، يؤكد أن الرياضة هي الوسيلة المثلى للدمج المجتمعي لذوي الإعاقة، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن بعض الجهات تعتبر الرياضة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة أمرا ثانويا وتكميليا، لكنه في الحقيقة حقا أساسيا لهم، موضحا أن عدم إدماجهم في النوادي العامة وفي الأماكن الترفيهية، يعني إغلاق أبواب نماء الفكر والجسم عليهم.

ويقول: لدينا مشكلة تكمن في أن معظم الأندية الرياضية لدينا غير مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث لا تتوفر فيها المتطلبات الأساسية والبنية التحتية لتيسير دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مع أقرانهم من غير ذوي الإعاقة.

ولا تشمل الرياضة في كثير من الأندية، حسب الزيتاوي، الألعاب الرياضية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، ما يستدعي التوسّع فيها، فضلا عن توفير التجهيزات الخاصة بها لتمكينهم من ممارسة أنشطتهم.

ويبين، أن أهم التحديات هي نقص الكوادر المؤهلة والمدربين، وكذلك التفكير النمطي في المجتمع بأن الأشخاص ذوي الإعاقة لا مكان لهم في المجال الرياضي، مشددا على أهمية توفير الدعم المالي والمخصصات المالية وبما يتناسب مع الإنجازات التي يحققها الرياضيون في جميع أشكال الألعاب، ومن بينهم ذوو الإعاقة.

ويدعو الزيتاوي إلى تخصيص مواقف واصطفافات ومنحدرات أو رامبات خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة في الحدائق، لتسهيل الدخول بالكراسي المتحرّكة بحريّة واستقلالية دون مساعدة، ذلك أن الهدف من الوصول إلى الحديقة للترفيه، خاصة للأطفال.

الزيتاوي يؤكد أيضا أنه يجري وبالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية المسؤولة عن ترخيص الحدائق وإنشائها، إنشاء تسعة مشاريع معظمها حدائق عامة، تستوفي شروط خدمة ذوي الإعاقة، استكمالا لما تم العمل عليه لمعالجة الثغرات الموجودة في الحدائق سابقا مع بلدية إربد الكبرى وأمانة عمان الكبرى لتهيئة الحدائق ما أمكن للأشخاص ذوي الإعاقة.

امتناع أندية عن قبول ذوي إعاقة
وفيما يتعلق برفض بعض الأندية الخاصة قبول تسجيل الأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصا ذوي الإعاقة الذهنية، اعتبر الزيتاوي ذلك شكلا من أشكال التمييز، مؤكدا حق الشخص من ذوي الإعاقة تقديم شكوى لدى المجلس ووزارة الشباب والرياضة، في حال عدم قبوله في الأندية ودورنا في المجلس متابعة ذلك بوسائلنا .

تقول عائلة مصطفى اليعقوب (12 عاما من ذوي الإعاقة الذهنية)، إنها كابدت من امتناع ناد رياضي عن استقباله، بسبب “الصورة النمطية عن أن أصحاب هذه الإعاقة ليس بمقدورهم ممارسة الرياضة.
لكن أستاذ القانون الإداري والدستوري في جامعة العلوم الإسلامية العالمية الدكتور حمدي القبيلات يشير إلى أن امتناع بعض الأندية الرياضية عن استقبال ذوي الإعاقة يرتب مسؤولية جزائية، موضحا أن المشرع الأردني واستجابة للمعايير الدولية “جرّم هذا الامتناع، واعتبره جريمة تستوجب العقاب”، إذ نصت المادة (48) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 وتعديلاته على أنه: “مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في أي تشريع آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من ارتكب أي شكل من أشكال العنف المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (30) من هذا القانون، وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه الفقرة في حالة التكرار”.

كما نصت المادة (30/ أ) على أنه “يعد عنفاً كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منهما، أو إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي أو النفسي به على أساس الإعاقة أو بسببها”.

كما يعد الامتناع عن توفير الأنشطة الرياضية والترفيهية للأشخاص ذوي الإعاقة أو دمجهم بأنشطة المجتمع من قبل أي جهة كانت، خرقا للقانون يستوجب الملاحقة القانونية سواء بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أو بموجب قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فوفقا للمادة (4) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (الالتزامات العامة) “تتعهد الدول الأطراف بكفالة وتعزيز إعمال كافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة دون أي تمييز من أي نوع على أساس الإعاقة”.

وأكد القبيلات أن الشكوى هي الوسيلة القانونية لتحريك جهات إنفاذ القانون لضمان تفعيل ممارسة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وإخراجها من قوالب النصوص إلى واقع الممارسة العملية، مبينا أن الشكوى أو حتى التبليغ لا يقتصر على الأشخاص ذوي الإعاقة، بل يشمل الغير أيضا، فوفقا لنص المادة (30/ب) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة “على كل من يعلم بوقوع عنف ضد شخص ذي إعاقة تبليغ الجهات المختصة”.

ولتشجيع تقديم الشكوى والتبليغات وفّر القانون الحماية اللازمة للمبلغين والشهود في المادة (32/ج) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017، والتي تنص على “تتولى الجهات القضائية المختصة توفير الحماية اللازمة للمبلغين والشهود وغيرهم ممن يقومون بالكشف أو التبليغ عن حالات العنف المرتكبة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، أو بإعداد تقارير أو تحقيقات استقصائية”.
لكن أستاذ الإدارة والتسويق الرياضي في كلية علوم الرياضة في الجامعة الأردنية الدكتور عامر الشعار يلفت النظر إلى مجموعة من الأسباب تحول دون ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة للأنشطة البدنية منها؛ قلة أعداد الأندية المهيأة لدمجهم وتباعدها عن مكان السكن، وعدم توفير مساحات وأجهزة كافية، إضافة إلى صعوبة الوصول في الفضاء العام وعدم توافر الإمكانات اللازمة على كافة الصعد، والتكلفة العالية للتنقل وشراء المستلزمات الرياضية، ونقص الخبرة المتخصصة، والرفض المجتمعي والقصور الخدماتي.

وفيما يدعو الشعار وهو عضو مجلس إدارة اللجنة البارالمبية الأردنية إلى تكثيف توعية المجتمع بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والاهتمام بهم، وزيادة عدد الأندية المهيأة وتوزيعها بما يتناسب وتوزيعهم الديموغرافي، وتعزيز جاهزية الأندية بتوفير الأجهزة والمعدات والصالات المناسبة، وإلزام الأندية الرياضية بدمج ذوي الإعاقة ما أمكن، وإعداد مدربين مختصين للتعامل مع ذوي الإعاقة، يؤكد من ناحية أخرى أن رياضات ذوي الإعاقة معدّلة عن الرياضات الأصلية ولها قوانينها وأنظمتها وقواعدها، وتم تصميمها بحيث تمكن ذوي الإعاقة من ممارستها.

ويبين أنه على الرغم من أن المناخ التشريعي والتنظيمي قطع شوطا طويلا لتهيئة البيئة المناسبة لذوي الإعاقات لممارسة الأنشطة الرياضية والتنافسية، إلا أن المراقب لحال رياضات ذوي الإعاقة يرى بجلاء عزوف العديد منهم عن المشاركة الرياضية وضعف أعداد المشاركين، حيث تقتصر المشاركة على أعداد قليلة نسبة إلى عددهم الكلي، عازيا السبب الى عدم الاهتمام بتأهيل خريجي كليات ومعاهد التربية الرياضية للتعامل مع ذوي الإعاقة التحدي المالي، وغياب الخطط الكفيلة بتعظيم قاعدة المشاركين والتدريب والمشاركات الداخلية والخارجية.

تدريب المشرفين والمدربين للتعامل مع ذوي الإعاقة

وفي دراسة بعنوان “اتجاهات مشرفي النشاط الرياضي نحو مشاركة الطلبة من ذوي الإعاقة في النشاطات الرياضية في الجامعات الأردنية” للدكتور علي محمد الصمادي، أظهرت نتائجها أن غالبية اتجاه مشرفي النشاطات الرياضية مجتمع الدراسة لديهم اتجاه سلبي نحو مشاركة ذوي الإعاقة ودمجهم في الأنشطة الرياضية، وقد تعود الاتجاهات السلبية من قبل المشرفين الرياضيين إلى عدم توفر المعلومات الكافية عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى خشيتهم من تحمل المسؤولية القانونية.

ودعت الدراسة إلى إعداد دورات تدريبية لمشرفي النشاط الرياضي في الجامعات حول العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وتطوير الخطة الدراسية لطلبة البكالوريوس تخصص التربية الرياضية بحيث تشتمل على عدد من المساقات.

وتنص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المادة (4/ ط) على تشجيع تدريب الأخصائيين والموظفين العاملين مع الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية لتحسين وتوفير المساعدة والخدمات التي تكفلها تلك الحقوق.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه منظمة الصحة العالمية أهمية ممارسة الرياضة هي مهمة للجميع، إلا أنها تشير إلى حقيقة مؤلمة أخرى هي أن أكثر من نصف الأشخاص ذوي الإعاقة لا يمارسون تمارين النشاط البدني بشكل منتظم، وهو ما يعزز الخمول البدني والإصابة بالأمراض غير السارية، لافتا أيضا الى أن السمنة ونقص الانتباه والقلق والاكتئاب هي الأكثر شيوعا بين الأطفال ذوي الإعاقة، خاصة مع استبعادهم من ممارسة أي نشاط رياضي.

الدكتور طارق الخطيب أخصائي الطب الطبيعي والتأهيل، يؤكد ما ذهبت إليه المنظمة العالمية بقوله؛ إن ممارسة الرياضة مهمة للتأهيل ولاستعادة القدرة الوظيفية والقدرة العضلية والمهارة والتوافق العصبي العضلي والتحمل والسرعة والمرونة.

ويضيف: إن لعدم ممارسة الرياضة والتمارين بشكل منتظم يؤدي آثارا سلبية، فقد يتسبب ذلك في زيادة الوزن وفقدان القدرات الوظيفية، إضافة إلى إمكانية حدوث هشاشة العظام والكسور والتقرحات الجلدية، مشيرا إلى أنه يمكن تغيير أو تعديل أي رياضة لتصبح دامجة ومناسبة لذوي الإعاقة، السباحة، أو ركوب الدراجات، كرة القدم، كرة اليد، رفع الأثقال.

استشاري جراحة العظام والمفاصل الدكتور طارق نايف التميمي، يؤكد ما انتهى اليه الخطيب، موضحا أنه إذا كانت أساسات جهازنا الحركي هي العظام والمفاصل والعضلات والأربطة، فإن سر قوتها ونمائها يكمن في اقتران الغذاء السليم بممارسة الرياضة، فكثافة العظم تزداد كلما زادت كتلة العضلات من حوله؛ وبذلك فإن تمارين تقوية العضلات تمنع حدوث هشاشة وترقق العظام بشكل كبير وهذا ينطبق على الناس جميعهم، كما أن تمارين الليونة والاستطالة تحسن من أداء المفاصل وحركتها، فتمنع حدوث الخشونة.

مدير مديرية الأندية في وزارة الشباب والرياضة الدكتور ثامر المجالي، يقول: إن هناك 15 ناديا للأشخاص ذوي الإعاقة من أصل 401 ناد مرخصة في الوزارة، كما تعقد المديرية دورات وورشات لدمج ذوي الإعاقة في الهيئات العامة والشبابية والدمج في الأنشطة.

ووفقا لأسس نظام دعم الأندية، فقد وضعت المديرية نقاطا لتحفيز الأندية على استقطاب ذوي الإعاقة ضمن أعضاء الهيئتين العامة والإدارية، إلا أنه يشير الى أنه ورغم أن الدعم المادي للأندية من قبل الوزارة غير إلزامي، بيد أنّ هناك دعما تقدّمه الوزارة لأندية ذوي الإعاقة بما يقارب نفس الدعم المقدّم لأندية غير ذوي الإعاقة، لكن هذا الدعم قد يتفاوت وفقا لتقييم خاضع لأسس نظام الدعم.

ويضيف موضحا: إنّ هذا الدعم قد يتراوح ما بين 700 إلى ألفي دينار في السنة، وقد لا يكون هناك دعم تبعا لأنشطة النادي، فيما تطالب بعض الأندية بدعم استثنائي، وهذا كله يرجع إلى المخصصات المالية المتوفرة في الوزارة.

يشار إلى أن نوادي الأشخاص ذوي الإعاقة تتمركز في محافظة العاصمة، ويبلغ عددها 8، وثلاثة نواد في محافظة الزرقاء، وناديين في إربد وناد واحد في كل من محافظتي مادبا والمفرق، فيما أنه لا وجود لنواد خاصة بذوي الإعاقة في كل من محافظات معان والكرك والعقبة والطفيلة وعجلون وجرش والبلقاء، بحسب وزارة الشباب والرياضة، التي تقدر عدد الأشخاص ذوي الاعاقة في هذه المحافظات بـ 135 ألف شخص، وهو ما يعني حرمان شريحة واسعة منهم من ممارسة حقهم في الرياضة.

يتبع.. يتبع
–(بترا)

ب ن/اح
14/11/2022 17:07:59