عيد الفطر في تونس.. عادات وتقاليد واحتفالات دينية واجتماعية

تونس في 11 أبريل /قنا/ يتميز عيد الفطر في تونس بعادات وتقاليد كباقي الدول العربية، ويحتفي به الناس جميعا، فبمجرد ثبوت رؤية هلال الأول من شهر شوال، وإعلان يوم العيد، تطلق أصوات مدافع رمضان معلنة حلول العيد المبارك، فتنطلق احتفالات التونسيين منذ الليلة التي تسبقه، وتكتظ الشوارع والأسواق على غير العادة.

ويستمر احتفال التونسيين بالعيد لمدة ثلاثة أيام، تتواصل فيها المعايدات وتبادل التهاني والزيارات بين العائلات والأصدقاء.

وإذ تشهد الأسواق التونسية في جميع المدن حركة كبيرة طيلة ليالي شهر رمضان، فإن تلك الأسواق تشهد اكتظاظا أكبر خلال ليلة العيد، حيث يتم بيع الهدايا والملابس الجديدة والحلويات، لا سيما أن العديد من الناس يفضلون اقتناء حاجياتهم في هذه الليلة؛ لأن الأسواق تشهد تخفيضات كبيرة في أسعار جميع البضائع والمواد.

وتشير فوزية بن محمد (ربة بيت) إلى أنها تفضل شراء ملابس العيد لأبنائها الثلاثة خلال آخر ليلة من شهر رمضان؛ لأن أغلب التجار يقومون بتخفيضات في أسعار جميع أنواع الملابس بعد انقضاء شهر رمضان، خصوصا التجار المتنقلين والوقتيين ممن يتاجرون فقط خلال شهر رمضان، فتكون التخفيضات كبيرة ليتمكنوا من بيع أغلب بضائعهم؛ لذا فليلة العيد تعد فرصة مناسبة لشراء أغلب ما يلزم بأسعار منخفضة عن الأيام العادية. وقالت: “تلك التخفيضات تشمل جميع البضائع من لعب وحلويات وهدايا وليس فقط ملابس للعيد؛ لذا تشهد ليلة العيد اكتظاظا كبيرا حتى الصلاة”.

كما تشهد الساحات العمومية تلك الليلة ازدحاما كبيرا، خصوصا بالأطفال، للعب وحضور الحفلات، وتبقى الحركة في أغلب الشوارع الرئيسة والساحات العمومية في المدن حتى صلاة العيد.

وفي ليلة العيد، ومباشرة بعد إعلان رؤية هلال شهر شوال، يحرص العديد من الأمهات في أغلب المناطق التونسية على تزيين أيادي البنات بالحناء، وهي عادة بدأت بالاندثار نوعا ما، لكن لا يزال العديد من الأمهات في عدة جهات تحافظ عليها، تبركا بالحناء، وتشبثا بها كنوع من الزينة.

وصبيحة العيد تدب الحركة في جميع المدن والقرى قبل نصف ساعة من الصلاة، خصوصا بالمصلين القاصدين المساجد لأداء الصلاة.

ويحرص العديد من التونسيين في هذه المناسبة على ارتداء اللباس التقليدي من الجبة والشاشية والبلغة والبرنص، حتى الأطفال منهم، ويقصدون المساجد التي تكتظ بالمصلين، حتى إن بعضهم يضطر للصلاة في الساحات الخارجية والأمامية، وفي الشوارع المحاذية للمساجد.

وبعد الصلاة يتبادل الجميع التهاني بالعيد وتوزع في بعض المساجد الحلويات على المصلين، كما تقدم الصدقات للمحتاجين.

وبعد انتهاء صلاة العيد يجتمع أفراد كل عائلة لتناول وجبات فطور الصباح بعد تبادل التهاني، وطبعا لا يغيب عن مائدة فطور الصباح جميع الحلويات التقليدية التونسية كالمقروض والغريبة والصمصة، التي يتم إعدادها خصوصا في البيت.

وتختلف العادات في هذه المناسبة بين جهة وأخرى، ففي صفاقس عاصمة الجنوب تشترك جميع العائلات في إعداد طبق “الشرمولة”، وهي أكلة خاصة بتلك الجهة يتم إعدادها خصيصا يوم عيد الفطر، ويمتزج مذاقها بين حلاوة الزبيب وملوحة السمك، الذي يجفف مسبقا طيلة أسابيع لإعداده يوم العيد؛ إذ تقول فاطمة بسباس إن العائلات في صفاقس لا تستغني عن هذا الطبق خلال عيد الفطر، وذلك كدلالة على الرزق والخير الذي يجلبه السمك.

فيما تعد بعض الجهات، خصوصا في الشمال الغربي، الخبز التقليدي بزيت الزيتون بأشكال مختلفة وتوزيعه على المحتاجين؛ إذ تشير زينب أولاد أحمد إلى أنهم في محافظة سليانة شمال البلاد يعدون الخبز الرقيق ويوزعونه على المحتاجين يوم العيد مع بعض الحلويات والهدايا البسيطة، وهي عادة تنتشر في عدة مناطق كدليل على التآزر بين الناس.

ويشترك الكثير من العائلات في إعداد طبق الكسكسي بلحم الغنم خلال وجبة الغداء، لا سيما أن هذا الطبق يعد أشهر طبق غذائي تونسي يطبخ خصيصا خلال المناسبات والأعياد، كما يعمل أغلب العائلات على توزيع حلويات العيد على الجيران والأقارب، وتقديم الصدقات على المحتاجين والفقراء، التي تشمل الأموال والحلويات والملابس.

وتحرص أسر تونسية على زيارة المقابر منذ ساعات الصباح الأولى لقراءة الفاتحة على أرواح موتاهم، فتشهد القبور في جميع الجهات حركة كبيرة صباح عيد الفطر، حيث يترحم الناس على أمواتهم ويسقون الأشجار هناك بالمقابر ويتبادلون التهاني أيضا.

وجرت العادة في تونس أن يتجول المسحراتي يوم عيد الفطر بين الأزقة والشوارع التي عمل فيها خلال شهر الصيام لإيقاظ الناس وقت السحور، يتجول لجمع الأموال والهدايا من سكان تلك الأحياء، ويحرص على ارتداء زيه التقليدي حاملا طبلته وكيسا كبيرا أو صندوقا يجمع فيه الهدايا التي تقدم له، ويجتمع معه عادة الأطفال ليرافقوه خلال جولته بين الأزقة.

ويتبادل أغلب العائلات الزيارات، خصوصا في ساعات الظهر، حيث تجمعهم اللقاءات التي لا يغيب فيها إعداد القهوة العربية بنكهات مختلفة، يتسامرون إلى ساعات متأخرة من الليل.

فيما تقام في الساحات العامة والحدائق يوم عيد الفطر العديد من الاحتفالات، التي تتضمن العروض الفنية والمسابقات والألعاب الخاصة بالأطفال.

ويرى جل الفوتوغرافيين يوم العيد مناسبة للعمل طيلة اليوم، فيتجولون في الساحات لالتقاط الصور للعائلات والأطفال خلال ممارسة الألعاب وحضور الاحتفالات لتوثيق ذكريات تلك الأوقات.