قمة “سيلاك” في بوينس آيرس تدشن العملة البرازيلية الأرجنتينية المشتركة

الدوحة في 24 يناير /قنا/ تستضيف العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس اليوم، القمة السابعة لقادة مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي “سيلاك” التي تضم ثلاثاً وثلاثين دولة في نصف الكرة الغربي باستثناء كندا والولايات المتحدة.

وستكون أعمال الشغب الواسعة النطاق في البيرو، والهجمات على المباني الحكومية في البرازيل، والأزمات الاقتصادية المتعددة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، على رأس جدول أعمال القمة، وستحظى الجهود الهادفة لتحقيق التكامل الإقليمي بين دول المجموعة، ومنها فكرة إنشاء عملة برازيلية وأرجنتينية مشتركة باهتمام كبير.

وقال غوستافو مارتينيز المنسق الأرجنتيني إن القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات مجموعة “سيلاك” ستدعو إلى الوحدة في التنوع، وستبرز أهمية الحفاظ على المنطقة كمنطقة سلام، وستعمل على زيادة الإجراءات المشتركة والتكامل، مع احترام خصوصيات كل دولة، والعمل على تعزيز “سيلاك” كآلية للتنسيق والاتفاق السياسي.

وأشار إلى أن سانتياغو كافيرو وزير خارجية بلاده سيقدم تقريرا للقمة عن الأهداف المقترحة للمجموعة وتلك التي تم تحقيقها حتى الآن.

ويغيب عن القمة عدد من قادة دول المجموعة مثل رؤساء فنزويلا والمكسيك ونيكاراغوا والإكوادور، وسيختار المشاركون في القمة الدولة التي ستتولى قيادة المجموعة خلال العام الحالي والتي ستباشر مهام القيادة على الفور.

وعلى الرغم من أن المجموعة تأسست في الأصل لتفادي النفوذ الأمريكي، إلا أن البيت الأبيض سيكون حاضراً في القمة هذه المرة من خلال وفد برئاسة المستشار الرئاسي الأمريكي الخاص للأمريكيتين كريس دود، ومن المتوقع أن يلقي الرئيس الصيني خطابا بالفيديو خلال القمة، الأخيرة للمجموعة.

وتتميز قمة بوينس آيرس بمشاركة الرئيس البرازيلي الجديد لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يقود وفد بلاده العائدة للمجموعة بعد غياب استمر عامين.

وفي سياق متابعة تفاصيل القمة، يحظى مشروع إصدار عملة برازيلية أرجنتينية مشتركة باهتمام واسع بعد أن اتفقت الدولتان على إصدار هذه العملة التي ستحمل اسم “سور” ومعناها الجنوب ودعتا باقي دول أمريكا اللاتينية للانضمام للعملة الموحدة على غرار اليورو بالاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن تناقش الدولتان وهما صاحبتا أكبر اقتصادين في أمريكا الجنوبية تفاصيل الخطة في قمة بوينس آيرس، مع التركيز على احتمالات نجاح العملة في تعزيز التجارة الإقليمية وخفض الاعتماد على الدولار الأمريكي.

وقال سيرجيو ماسا وزير الاقتصاد الأرجنتيني إنه لا يريد إطلاق توقعات خاطئة، لكن العملة “سور” ستكون هي أول خطوة على طريق طويل يجب أن تقطعه أمريكا اللاتينية، مضيفا أن المشروع قد يستغرق سنوات عديدة ليظهر للنور، مشيراً إلى أن أوروبا استغرقت 35 عاماً لإصدار اليورو.

وستكون العملة “سور” ثاني أكبر عملة تجمع اقتصادي بعد العملة الأوروبية الموحدة اليورو، وستكون في البداية عملة مشتركة للتبادلات والتعاملات بين البلدين وليست عملة موحدة تلغي العملة الوطنية في كل منهما، أي الريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني.

ويعاني الاقتصاد الأرجنتيني منذ تخلفه عن سداد الديون، خاصة لصندوق النقد الدولي، منذ عام 2020، وما زالت الأرجنتين تواجه عبء دين خارجي يصل إلى 40 مليار دولار للصندوق الذي أقرضها قرض إنقاذ عام 2018، كما ارتفعت معدلات التضخم هناك لتصل إلى 100 بالمئة خلال الأعوام الثلاثة الأولى من حكم الرئيس الجديد ذي التوجه اليساري ألبرتو فيرنانديز.

لكن حجم التجارة بين الأرجنتين والبرازيل صعد بقوة في الفترة الأخيرة ليسجل 26.4 مليار دولار في الأشهر الـ11 الأولى من العام الماضي بزيادة 21 بالمئة عن الفترة المقابلة من العام السابق 2021، ومن شأن العملة المشتركة أن تخفف الضغط على الأرجنتين بعدم إهدار احتياطاتها من العملات الأجنبية لتمويل التجارة مع جارتها.

وتشكل الأرجنتين والبرازيل القوة الدافعة الأكبر في تجمع “ميركسور” التجاري، ومن شأن إطلاقهما عملة مشتركة أن يوسع دائرة الاشتراك فيها من قبل دول التجمع، ويعزز من ذلك فوز أكثر من رئيس يساري بدول أمريكا اللاتينية في عدة انتخابات جرت هناك مؤخرا.

ويعد تكتل أمريكا اللاتينية ثاني أكبر تكتل تجاري يطلق عملة مشتركة، إذ يشكل تجمع دول القارة ما نسبته خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما يشكل تجمع دول منطقة اليورو 14 في المئة.

وتم تأسيس مجموعة “سيلاك” في عام 2011 كآلية للتنسيق والتكامل الإقليميين بهدف تعزيز الوحدة والنمو الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وكان القصد منها أن تكون منتدى بديلا متعدد الأطراف لبلدان أمريكا اللاتينية، وأهدافها المعلنة هي تعزيز التكامل والتعاون الإقليميين.

وتلتزم “سيلاك” بدرجة أكبر من التنسيق السياسي في مواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الراهنة لأزمة اقتصادية عالمية عميقة وتعزيز السلام والاستقرار وحق كل دولة في بناء نظامها السياسي، بعيدا عن التهديدات والاعتداءات والتدابير القسرية الانفرادية، من منظور منسق في إطار الأمم المتحدة.

ولكن على مدار عقد من الزمان، ظهرت أسئلة حول ما إذا كانت المجموعة قادرة على تحقيق نتائج ملموسة في منطقة تزدحم بالمنظمات الإقليمية المتداخلة.

وتوفر “سيلاك” لدولها الأعضاء منصة لتنمية العلاقات مع البلدان والمناطق الأخرى، مثل الصين، والاتحاد الأوروبي، ورابطة دول جنوب شرق آسيا، والاتحاد الإفريقي، وكانت علاقة المجموعة بالصين جديرة بالملاحظة، نظرا لأن بكين هي الشريك التجاري الأول للعديد من أكبر اقتصادات أمريكا اللاتينية، وعقد منتديان بين الاتحاد الأوروبي وجماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في عامي 2012 و2015. ومن المقرر عقد قمة ثالثة في عام 2023، منهية فجوة استمرت ثماني سنوات.

وتبلغ المساحة الإجمالية للدول الأعضاء في مجموعة /سيلاك/ حوالي 20 مليون كيلومتر مربع، ويتجاوز عدد السكان 620 مليون نسمة، ووفقا لتقديرات تقريبية، يتراوح إجمالي الناتج المحلي لأعضاء المنظمة ما بين ستة إلى سبعة تريليونات دولار.