وزارة الثقافة تحتفل بالذكرى الـ20 لاتفاقية 2003 لصون وحماية التراث الثقافي غير المادي بمقر اليونسكو

باريس في 15 أبريل /قنا/ نظمت وزارة الثقافة، اليوم، بمقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في فرنسا، احتفالا خاصا بالذكرى الـ20 لاتفاقية 2003 والخاصة بصون وحماية التراث الثقافي غير المادي، وذلك بحضور السيدة سيمونا ميريلا ميكوليسي رئيسة المؤتمر العام لليونسكو، والسيدة فيرا الخوري رئيسة المجلس التنفيذي لليونسكو، والسيد لازار إيلوندو أسومو مدير التراث العالمي في اليونسكو وعدد من السفراء والمسؤولين.

وتهدف هذه المناسبة إلى إبراز جهود دولة قطر في حماية وصون التراث الثقافي غير المادي، حيث أقرت الاتفاقية الحاجة إلى حماية التراث الحي وتعزيز الحوار بين الشعوب والتنوع الثقافي، والإبداع البشري.

وفي هذا السياق، قال الدكتور غانم بن مبارك العلي الوكيل المساعد للشؤون الثقافية بوزارة الثقافة، في كلمته في الحفل: “يسعدنا اليوم افتتاح المعرض التراثي والثقافي للاحتفاء بالموروث القطري في مقر اليونسكو في باريس”.

وأوضح العلي أن المعرض الذي تنظمه وزارة الثقافة بمناسبة احتفالية الذكرى الـ20 لاتفاقية 2003 والخاصة بصون وحماية التراث الثقافي غير المادي، يعزز الحوار بين الشعوب والتنوع الثقافي والإبداع البشري، ويهدف إلى زيادة الوعي بأهميته، والذي يحتوي على جزء مهم من العناصر التراثية القطرية من حرف، وصناعات وعادات وتقاليد.

وأكد الوكيل المساعد للشؤون الثقافية بوزارة الثقافة، أن المعرض يعبر عن المكانة المميزة التي توليها دولة قطر للتراث الثقافي غير المادي، وعملها الدؤوب في المحافظة على تراثها، حيث عملت دولة قطر على أن تصون تراثها غير المادي، فسارعت إلى تسجيل الملفات في القائمة التمثيلية للتراث الإنساني العالمي لليونسكو، ومنها ملفات “المجلس”و “القهوة العربية”، مضيفا أن وزارة الثقافة تعمل مع مجموعة من الدول منذ أشهر على إعداد ملف “البشت” لتسجيله ضمن القائمة أيضا، ويمثل “البشت”و “الصقارة” و”المجلس” و”القهوة” عناصر ثراء لثقافتنا، وتعكس إرثا توارثته الأجيال ليبقى منيعا أمام خطر التلاشي وليكون معبر عن إبداعاتنا المستمرة، ومتفاعلا مع بيئتنا وتاريخنا، ولا تتوقف قيمة هذه العناصر التراثية المسجلة وغيرها من العناصر التي يقدمها هذا المعرض عند حدود نفعها لهويتنا، وإنما تعزز من حضور تراثنا ضمن المقومات التراثية الإنسانية، وتساهم بشكل ثقافي في إثراء التنوع الثقافي في العالم.

وأضاف أن التراث الثقافي غير المادي يحتل مكانة مميزة في عمل منظمة اليونسكو، والتي أرست من خلال اتفاقية عام 2003 الأطر التشريعية لصونه، وتؤمن دولة قطر بأن هذا التراث الذي تناقلته الشعوب منذ القدم، ويشكل إرثا حضاريا متنوعا للإنسانية جمعاء، ويساعد صونه في بناء هوية ذاتية للمجتمع مما يمكنه من تعزيز الحوار بينه وبين مجتمعات أخرى، لأن التراث الثقافي والحوار متلازمان وبينهما صلة، وكلما قمنا بحماية التراث الثقافي حققنا ديمومة الحوار وبلغنا به أفق التنمية المستدامة، لذلك فلنعمل معا على تعزيز إيمان الأجيال بتراثنا الثقافي وليكن هذا المعرض وسيلة من وسائل التقارب والتفاعل الثقافي بيننا.

من جانبه، قال سعادة الشيخ علي بن جاسم آل ثاني سفير دولة قطر لدى الجمهورية الفرنسية، في كلمته أثناء الحفل: “إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أقف أمامكم اليوم في مقر اليونسكو للاحتفال بهذه المناسبة الهامة، ألا وهي إقامة معرض ثقافي من قبل وزارة الثقافة في دولة قطر، احتفالا بالذكرى العشرين لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي”.

وأضاف سعادته أن اهتمام دولة قطر العميق والتزامها الثابت بالمبادئ المنصوص عليها في الاتفاقية ليس مجرد اهتمام رمزي؛ فهو جزء لا يتجزأ من رؤيتنا وتطلعاتنا الوطنية.

وأكد سعادته “حرص حكومتنا الرشيدة على الحفاظ على الهوية الوطنية لدولة قطر، وتحقيقا لهذه الغاية، تعتبر رؤية قطر الوطنية 2030 بمثابة منارة لامعة تنير طريقنا نحو التنمية المستدامة والحفاظ على الثقافة وتعزيزه عالميا، ويكمن في صميم رؤية قطر الوطنية تقدير عميق لأهمية الحفاظ على تراثنا الثقافي غير المادي، أي التقاليد والعادات والممارسات التي تناقلتها الأجيال، مما يثري مجتمعنا ويشكل هويتنا الجماعية، وباعتبارنا أوصياء على هذا التراث الذي لا يقدر بثمن، فإننا ندرك مسؤوليتنا في الحفاظ عليه وتعزيزه لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية”.

وأضاف سعادته: “من خلال المبادرات ومثل هذا المعرض الثقافي، تسعى قطر إلى الاحتفال ومشاركة أشكال التعبير الثقافي المتنوعة التي تجسد روح أمتنا، وهكذا، فمن العادات التقليدية إلى تقاليد الطهي والحرف اليدوية، يعد تراثنا الثقافي غير المادي مصدرا للفخر والمثابرة ووحدة المجتمع، وفي هذا الصدد، سيكون من الضروري الاعتراف بالجوانب الأخرى من التراث غير المادي الغني لدولة قطر وحمايته، وتحقيقا لهذه الغاية، فقد اقترحت دولة قطر مؤخرا سمات أخرى من تراثها ليتم صونها، بما في ذلك الحناء، وهي ممارسة تراثية قديمة نعتز بأهميتها الجمالية والاجتماعية، كما تم اقتراح إعطاء الأولوية للحفاظ على التراث والمهارات والممارسات العريقة المرتبطة بالزي التقليدي المعروف باسم البشت، ولا نغفل الأهمية الثقافية للرقص التقليدي القطري العرضة كمرشح لضمه للقائمة، بالإضافة إلى ذلك، فقد اقترحنا إضافة ثوب النشل إلى قائمة الترشيحات، وهو زي نسائي قطري تقليدي، فضلا عن الخط العربي، وهو تراث مشترك بين الدول العربية، ومن خلال توسيع تركيزنا ليشمل هذه الجوانب التي لا تقدر بثمن من تراثنا غير المادي، فإننا نتطلع إلى دعم منظمة اليونسكو لضم هذه الجوانب إلى قائمة التراث غير المادي لدولة قطر ضمانا لنهج شامل يكفل حماية تراثنا الثقافي للأجيال القادمة، علاوة على ذلك، فإن التزام قطر بالاتفاقية يعكس التزامنا بالتعاون والتضامن الدوليين في مجال الحفاظ على التراث الثقافي، ومن خلال المشاركة النشطة في جهود اليونسكو الرامية إلى حماية التراث الثقافي غير المادي، فإننا نساهم في حوار عالمي يتجاوز الحدود ويعزز التفاهم والتسامح والاحترام المتبادل بين الأمم”.

وأعرب سعادته في ختام كلمته، عن خالص امتنانه لليونسكو وجميع شركائنا الموقرين لدعمهم وتعاونهم الذي لا يقدر بثمن في هذا المسعى، متمنيا أن يكون هذا المعرض الثقافي بمثابة شهادة على القوة الدائمة للتراث الثقافي غير المادي لإلهام حياتنا وتوحيدها وإثراء حياتنا.

من جانبه، قال سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب مندوب دولة قطر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو في كلمته في الحفل: “يشرفنا أن نجتمع اليوم، للاحتفال معا، في مقر اليونسكو، بالثقافة والتراث القطري العريق، وذلك انطلاقا من حرص دولة قطر على تعزيز أهداف وقيم اتفاقية 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي، والتي صادقت عليها دولة قطر في عام 2008”.

وأضاف أن دولة قطر عملت منذ انضمامها لمنظمة اليونسكو، وبإيمانها العميق بالأهداف النبيلة، لتعزيز السلام والأمن الدوليين من خلال مجالات اختصاصاتها، ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز مفاهيم التعايش مع الثقافات المختلفة، وتمكين المجتمعات المحلية من خلال الثقافة، في وقت لا يخفى عليكم، حيث نواجه جميعنا تحديات عصرية، بالغة الأهمية والأثر على حاضرنا ومستقبلنا، فنحن نعيش عصر التواصل السريع.

وأكد سعادته أن دولة قطر تسعى من خلال تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى الوطني، تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، في نطاق تحقيق أهداف رؤيتها وطنية 2030، إلا أن المحافظة على تراثها الثقافي، ركيزة أساسية لتعزيز ثقافتها كأحد الأركان الأساسية للتنمية على المستوى الوطني والدولي، وتعزيز قيمها التي تجسد عناصر هويتها القطرية والعربية والإسلامية بالانفتاح على الآخر.

ولفت إلى أن المحافظة على الثقافة والحرف التقليدية هي من أهم التحديات التي تواجه العديد من المجتمعات في عالم يتسم بالتحول نحو العولمة وزيادة التواصل بين الشعوب، مضيفا أنه لمواكبة التحديات المتعلقة بالتراث الثقافي لاتفاقية 2003، المتعلقة بحمايته وتعزيز القيم الإنسانية، قامت دولة قطر بتعزيز دور التراث الإنساني من خلال وضعها كأحد المستهدفات في استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لعام (2024 – 2030)، لتمكين الإنسان القطري لإطلاق طاقته في الإبداع وتمكينهم بالمهارات العالية، من خلال المشاركة المباشرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق الرؤية الوطنية 2030.

وأردف أنه على المستوى الدولي، تعمل دولة قطر من خلال وزارة الثقافة بتعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة، ومن خلال منظمة اليونسكو، والمؤسسات الدولية الأخرى لنظام متعدد الأطراف، بهدف تقوية جسور التواصل بين شعوب العالم، وتعزيز دور التفاهم والسلام من خلال المجالات الثقافية المختلفة.

وتابع سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب مندوب دولة قطر الدائم لدى منظمة اليونسكو: “حرصا على تعزيز التراث غير المادي، بدأت دولة قطر باستكمال عددا من الملفات الوطنية والمشتركة لتسجيلها في قائمة التراث غير المادي، وذلك لتعريف العالم بتراثنا العريق، ودور المجتمع القطري في إحياءه للأجيال القادمة، لذلك نسقت دولة قطر للمرة الأولى منذ انضمامها للاتفاقية حماية التراث الغير المادي، بقيادة ملف البشت كملف عربي مشترك، إضافة إلى عدد من الملفات الوطنية، التي سوف تتم مناقشتها خلال اجتماع لجنة التراث الغير مادي في ديسمبر المقبل”.

جدير بالذكر أنه أقيم بهذه المناسبة معرض يبرز التراث الثقافي القطري، ويحتوي المعرض على المجلس، بالإضافة إلى معرض للحرف والصناعات التقليدية الذي يسلط الضوء على الحرف والصناعات ويعزز الاعتراف بأصحاب هذه الحرف، بالإضافة إلى الصقار الذي تم تسجيله في القائمة في عام 2015، وكذلك الفنون الشعبية التي قدمت عروضا للفنون البحرية ومنها فن الفجري، وذلك لإبراز ثراء وتنوع الثقافة القطرية، إلى جانب تقديم جانبا من فنون الطهي الشعبي القطري حيث تم استعراض الأطباق المميزة من الأكلات القطرية التي تزخر بها المائدة القطرية، كما ضم المعرض أيضا جناحا للصور التي تبرز إنجازات دولة قطر في صون التراث غير المادي.

وتقود دولة قطر صاحبة مبادرة تسجيل البشت على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، الجهود العربية لمتابعة إجراءات التسجيل وذلك بالتعاون مع الـ”ألكسو”، حيث عملت الدولة من قبل على تسجيل عدد من الملفات العربية المشتركة مثل ملفي النخلة والخط العربي، إلى جانب ملف النقش على المعادن والذي سيتم تسجيله قريبا على القائمة التمثيلية للتراث العالمي بمبادرة وقيادة العراق، ويشارك فيه 14 دولة عربية.